نشر التدريسي في جامعة ذي قار الأستاذ الدكتور حسين الزيادي مقالاً علمياً في صحيفة الدستور الاردنية بعنوان ( دور التوعية والتثقيف الصحي في مواجهة فايروس كورونا – المجتمعات العربية انموذجاً. وجاء فيه :
من نافلة القول أن القطاع الصحي من مسؤولية الدولة وتوفير الصحة العامة للمجتمع والافراد من صميم عمل الحكومات، وهناك مبالغ ضخمة رصدتها الدول لتلافي الازمات والكوارث الصحية ، لكن يبقى غرس قيم السلوك الصحي السوي وتوفر الوعي الصحي الكاف العنصر الوقائي الاهم الذي من شأنه تلافي العقبات والوقاية من هذه الازمات التي باتت تشكل مصدر قلق للعالم، وابرزها في الوقت الحاضر تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وتداعياته الخطيرة ،ومن هنا بات التثقيف الصحي ضرورة صحية ملحة لاغنى عنها لأنه يشكل اول واقوى الخطوط الدفاعية وبه تتحقق المقولة المعروفة (الوقاية خير من العلاج) ، والوعي الصحي بهذا المعنى هو إلمام الناس بالمعلومات والحقائق الصحية وإحساسهم بالمسؤولية نحو صحتهم وصحة غيرهم وترجمة ذلك الى تطبيق عملي، وهو الهدف الذي نسعى إليه لا أن تبقى المعلومات الصحية كثقافة صحية نظرية فقط.
والسؤال الذي تدور حوله مشكلة هذه المقالة : هل هناك وعي صحي كاف في مجتمعاتنا العربية؟ فالملاحظ ان هناك استهانة واستخفاف وعدم التزام بالإرشادات الصحية التي تحث على البقاء في البيوت وتمنع التجمعات البشرية بشتى انواعها لعدة منطلقات منها التواكل دون الأخذ بالأسباب واتباع التوصيات ، الامر الذي يشير الى عدم الالتزام بتطبيق التدابير الوقائية التي من شأنها أن تسهم بشكل كبير في احتواء فيروس كورونا كوفيد – 19 ،
فخطورة هذا الوباء تكمن في سرعة انتشاره من شخص إلى آخر، وفي حال عدم التحلي بالوعي الصحي واتخاذ الاحتياطات اللازمة فإن الوضع سيخرج عن السيطرة وتصبح مكافحته أمرا صعباً ومكلفاً، وهذا لا يعني بأن مجتمعاتنا العربية جاهلة بمايدور حولها، ولكن ينقصنا الوعي الصحي، وفي حالة عدم العمل بشكل متكامل فقد يصل وضع مجتمعنا العربي لحالة حرجة، ومن هنا يلحظ أن الوعي الصحي في مجتمعنا العربي يعاني من ضمور وعدم تقدير الامر حق قدره، وأن تجاهل التحذيرات الدائمة عن تفشي هذا الفايروس ينم عن عدم التعامل بمسؤولية مع هذه الافة الخطيرة، ناهيك عن الكثير من الممارسات التي تتعارض مع اسس الوقاية السليمة.
إن مجتمعاتنا العربية غير جاهزة بشكل كامل لاي حالة طارئة تسببها أزمة الكورونا، فهناك دول تمتلك نظام صحي كبير اصبحت فريسة سهلة لهذا الفايروس كإيطاليا واسبانيا والمانيا، فكيف الحال بدولنا العربية التي تعاني اصلاً من تهالك في نظامها الصحي، فالمؤسسات الصحية تعاني من اكتظاظ واضح وهي في اغلب الدول العربية لا تتناسب مع الاحجام السكانية وهناك خلل كبير في اعداد المحاجر الصحية واعداد المستشفيات والمراكز الصحية التي لا تتماشى والمعايير الدولية، ومسألة قربها إلى المواطن العربي، كذلك عدم جاهزية المراكز الطبية الطارئة التي تهتم بحالات الإصابة بالكورونا.
ومازال العديد أبناء مجتمعنا العربي يتصرفون باللامبالاة تجاه التعليمات المتعلقة بالوقاية والتوصيات الصحية لاسيما بالنسبة للدول التي اعلنت حظراً للتجول، وما زال هناك الكثير من الاستهانة فالبعض ممن يجب أن يتواجدوا في الحجر الصحي لم يلتزموا ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي ويخرجون من منازلهم دون وجود أي رادع، وهذا يدل على حجم اللامبالاة الموجودة عند البعض.
وتشكل التوعية والتثقيف الصحي عنصراً أساسياً في نجاح أي سياسة صحية فاعلة، بل هي السلوك الانسب لمواجهة تفشي فايروس كورونا خاصة أن كثيراً من الاوبئة يمكن تجنبها من خلال الحث على اتباع بعض السلوكيات الإيجابية التي من شأنها الابتعاد عن التجمعات والاختلاط مع الاخرين ، فالتوعية الصحية مطلوبة لذاتها لما فيها من نفع على المواطن وعلى الدولة.
التثقيف الصحي هو عبارة عن مزيج من التجارب الصحية المدروسة علميا والمصممة لمساعدة الأفراد والمجتمعات على تحسين وضعهم الصحي من خلال زيادة المعرفة الصحية وتلافي الازمات الصحية التي تمر بها المجتمعات، ويمكن للمبادرات الصحية المساعدة في ذلك إما بالتركيز على تحسين المشكلات الطبية الحالية أو من خلال التعليم والتدريب الوقائي، وإرشاد الأشخاص حول كيفية التعايش مع المرض من خلال الأنشطة التعليمية والتثقيفية المخطط لها من قبل المختصين في المجالات الصحية، ومعرفة السلوكيات الخاطئة التي قد تؤدي إلى العديد من الأمراض.
واخيراً ينبغي القول ان الخطر حقيقي والمشكلة قائمة والاستهانة واللامبالاة بالخطر يؤدي الى نتائج كارثية، وهذا ما يلحظ بوادره في العراق على سبيل المثال، فالإعلام والبحوث والدراسات مهمة لكن الاهم هو التوعية والتثقيف الصحي ومنع التجمعات والالتزام بالأوامر الصحية وملازمة البيوت وكل ذلك يقع ضمن مسؤولية الدولة والاسرة والاعلام ليعيش المجتمع بالصحة والسلامة. أنتهى
للاطلاع على المقال اضغط هنا 👇👇
قسم الإعلام_والعلاقات العامة
University of Thi_Qar#
